خواجة غريب نواز، ويعني “مُعطي الفقراء” أو “ناصر الغرباء”.
وُلد عام 1141م (537 هـ) في سجستان (تقع اليوم في مناطق من إيران وأفغانستان).
يرجع نسبه إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه، أي أنه من آل البيت.
والداه كانا من أهل الورع والتقوى.
بدأ طلب العلم صغيرًا، ودرس العلوم الشرعية والأدبية.
سافر إلى خراسان وبغداد ومكة والمدينة، والتقى بكبار علماء الصوفية، من أبرزهم خواجة عثمان الهاروني، الذي كان شيخه ومرشده.
تنقّل في بلاد فارس، ما وراء النهر، الحجاز، العراق، ثم استقر أخيرًا في الهند.
كان هدفه الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالسيف أو الصراع.
دخل الهند في زمن حكم السلطان محمد غوري.
اختار مدينة أجمير للاستقرار، رغم أنها كانت معقلًا للهندوس، وعاش بين الناس بسِلم ورحمة.
لم يدعُهم للإسلام بالقوة، بل بأسلوبه الروحي، وكلماته الرحيمة، وأفعاله الكريمة.
كان زاهدًا متواضعًا، لا يملك من الدنيا شيئًا.
اشتهر بكراماته، مثل شفاء المرضى، وكشف الغيب، وإطعام الفقراء من دون نفاد الطعام.
كان يجتمع عنده المئات يوميًا، يوزع عليهم الطعام وينصحهم بالحكمة.
تعتبر الطريقة الجشتية من أوسع الطرق الصوفية في الهند.
تعتمد على:
الذكر الخفي والجلي.
محبة الله والناس.
ترك التكلّف.
خدمة المخلوقات.
رفض الصراع مع أتباع الأديان الأخرى.
“لا تعادِ أحدًا، حتى عدوّك، فإن الله خلقه كما خلقك.”
“أفضل العبادة: خدمة المساكين.”
“العاشق الحقيقي لله لا يكره أحدًا من خلقه.”
توفي عام 1236م (633 هـ) في أجمير، ودفن هناك.
ضريحه يُعرف اليوم بـ “ضريح خواجة غريب نواز”، وهو من أهم معالم الصوفية في الهند، يزوره الملايين من المسلمين وغير المسلمين سنويًا، خاصة خلال موسم العُرس (ذكرى وفاته).
يُعدّ معين الدين الجشتي أحد أعظم الشخصيات الإسلامية في جنوب آسيا.
مهّد الطريق لظهور كبار الصوفية بعده مثل:
نظام الدين أولياء
أمير خسرو
خواجة بختيار كاكي
أسس نمطًا للدعوة يعتمد على الحب والسلام والتسامح.
عم، للشيخ معين الدين الجشتي – رضي الله عنه – العديد من الكرامات التي رواها تلاميذه ومحبيه، وتناقلها أهل التصوف والمؤرخون، وتُعد من العلامات التي أكرمه الله بها لصفائه وولايته. الكرامات ليست دليلاً على الولاية وحدها، لكنها كانت دائمًا مرتبطة بحياته الزاهدة وخدمته للفقراء.
فيما يلي بعض أشهر كراماته المشهورة في كتب السير والتصوف:
كان يُعرف بـ”غريب نواز” لأنه لم يردّ سائلاً قط، ويُقال إن:
كان يطبخ الطعام في قدر كبير يوميًا، فيطعم به مئات الفقراء والمحتاجين، ولا ينفد الطعام حتى يشبع الجميع، رغم قلة ما كان يُوضع فيه.
يُروى أن أحد ملوك الهند (برهان الدين)، أرسل من يطلب من الشيخ أن يزوره، فرفض الشيخ أن يذهب إليه، وقال:
“الملوك يأتون إلى أولياء الله، لا العكس.”
فغضب الملك، وقرر معاقبته، لكن أصابه الشلل في الحال. فلما أرسل معتذرًا، دعا له الشيخ فعوفي فورًا.
يُروى أن بعض أعدائه حسدوه، فجمعوا الحطب ووضعوه عليه وأشعلوا فيه النار، لكن:
خرج منها سالمًا دون أن تصيبه النار بسوء، وكان وجهه يضيء بنور غريب.
كان الناس يأتون إليه بالمرضى، وخاصة الممسوسين أو من يعانون أمراضًا نفسية، فيضع يده عليهم أو يدعو لهم، فيُشفون في الحال.
كان يُعرف باستجابة دعائه، خاصة في قضايا الزواج، الرزق، شفاء المرضى، وهداية الناس. كثير من غير المسلمين أسلموا بعد أن استجيبت دعواتهم على يديه.
حتى بعد وفاته، يُقال إن كثيرًا من الناس يرون رؤى صادقة به، ويتحقق لهم الدعاء عند زيارة ضريحه في أجمير شريف، ويشهد الناس كرامات في أيام “العرس” (ذكرى وفاته)، كقضاء الحوائج وشفاء المرضى.